وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى التي كانت سيران تذهب إليها، وأراد فريد البقاء معها، لكن الممرضة لم تسمح له. بقي فريد في الانتظار، محسوما من الانهيار، وعندما وصلت العائلة كلها وهم في حالة ذعر، التفت فريد إلى سونا وبدأ يصرخ وهي تبكي.
فريد: “يااا سونا! كيف تخفين هذا الأمر عني؟ كيف يمكنك فعل هذا؟”
سونا: “كنت أريد إخبارك، ولكن سيران منعتني ولم ترد ذلك. لهذا أردت أن آخذها إلى لندن…”

فريد، وقد ارتسمت على وجهه ملامح الغضب والاندهاش، لم يستطع أن يصدق ما سمعه للتو. كيف يمكن أن تُخفى عنه مثل هذه الأمور المهمة؟ وكيف يمكن أن تُترك سيران تعاني بمفردها دون أن يكون بجانبها؟

فريد: “لندن؟ لماذا لندن؟ ما الذي يحدث هنا؟ لماذا لم تخبريني من قبل؟”
سونا، محاولة السيطرة على دموعها، نظرت إلى فريد بعينين ممتلئتين بالحزن والأسف.
سونا: “سيران كانت تعاني من مشكلة صحية خطيرة، ولم ترد أن تقلقك. كانت تعتقد أن الأمر يمكن حله بعيدًا عنك لتجنب أي توتر إضافي في حياتك المهنية والشخصية.”
فريد: “ولكن أنا زوجها! يجب أن أكون معها في كل خطوة، في كل تحدي، كيف يمكنكما اتخاذ قرار كهذا دون استشارتي؟”
قبل أن تستطيع سونا الرد، خرج الطبيب من غرفة العمليات، مما جذب انتباه الجميع. تقدم فريد بسرعة نحو الطبيب، يائسا للحصول على إجابات.
فريد: “كيف حال سيران؟ هل هي بخير؟”
الطبيب، بوجه جاد ولكنه مطمئن، نظر إلى فريد وقال: “لقد كانت العملية معقدة ولكنها ناجحة. سيران الآن في حالة مستقرة ولكنها تحتاج إلى الكثير من الراحة والمتابعة الطبية الدقيقة.”
فريد تنفس الصعداء، لكنه لم يستطع التخلص من الشعور بالخيانة والانزعاج. عاد إلى سونا، محاولا فهم الموقف بشكل أفضل.
فريد: “أريد أن أعرف كل شيء. لا مزيد من الأسرار.”
سونا: “أفهم ذلك، فريد. سأخبرك بكل شيء. سيران كانت تعاني من مشكلة صحية نادرة تتطلب علاجًا متخصصًا، ولهذا قررت أن نسافر إلى لندن. كانت تعتقد أن العلاج هناك سيكون أفضل.”
فريد: “لماذا لم تخبريني من قبل؟ كان يجب أن أكون جزءًا من هذا القرار.”
سونا: “لقد كانت تخشى أن يؤثر ذلك على حياتك المهنية وأن يزيد من التوتر بينكما. كانت تعتقد أنها تستطيع التعامل مع الأمر بنفسها.”
فريد: “هذا لا يبرر إخفاء الحقيقة عني. كان يجب أن أكون بجانبها.”
في تلك اللحظة، شعر فريد بثقل المسؤولية والحب الذي يحمله لسيران. قرر أن يضع كل غضبه جانبًا ويركز على ما هو أهم – صحة وسعادة زوجته.

مرت الساعات والأيام، وفريد بجانب سرير سيران، يراقبها وهي تستعيد قوتها ببطء. لم يكن يفارقها لحظة، وكان يستمع بعناية لكل تعليمات الأطباء والممرضات.
ذات يوم، فتحت سيران عينيها ونظرت إلى فريد، الذي كان جالسًا بجانبها يمسك بيدها.
سيران: “فريد، أنا آسفة. لم أكن أريد أن أزعجك.”
فريد: “لا تتأسفي، سيران. كان يجب أن نكون معًا في هذا. أنا هنا الآن، وسنبقى معًا.”
سيران: “لقد كنت خائفة. خائفة من أن يؤثر ذلك على حياتنا.”
فريد: “أهم شيء هو صحتك. سنتجاوز هذا معًا.”

مع مرور الوقت، بدأت سيران تتعافى ببطء. كان فريد يعتني بها بشكل دائم، ويحرص على أن تكون محاطة بالرعاية والحب. كان يعلم أن الطريق طويل، لكنه كان مستعدًا لكل تحدي.
خلال فترة التعافي، اكتشف فريد وسيران قوة جديدة في علاقتهما. كانت هذه التجربة الصعبة قد قربتهما من بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضى. تعلم فريد أن الحب يعني الوقوف بجانب الشخص الذي تحبه في كل الأوقات، الجيدة والسيئة على حد سواء.
وفي يوم من الأيام، بينما كان فريد وسيران يجلسان معًا في الحديقة، يتحدثان عن المستقبل، قال فريد:
فريد: “لقد علمتني هذه التجربة الكثير، سيران. تعلمت أن لا شيء أهم من أن نكون معًا، أن نواجه الحياة سويًا.”
سيران: “وأنا كذلك، فريد. لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونك.”
فريد: “سنبني حياة جديدة، مليئة بالأمل والحب. سنكون دائمًا بجانب بعضنا، مهما كانت التحديات.”
وهكذا، بدأ فريد وسيران فصلًا جديدًا في حياتهما، معززين بقوة الحب والالتزام. كانوا يعرفون أن الطريق قد يكون صعبًا في بعض الأحيان، لكنهم كانوا مستعدين لمواجهة كل شيء معًا، يدًا بيد.
على الرغم من أن هذه الفترة كانت من أصعب الفترات في حياتهم، إلا أنها كانت أيضًا الفترة التي أكدت لهم أن الحب الحقيقي قادر على التغلب على كل الصعاب. ومع كل يوم جديد، كانوا يجدون في بعضهم الأمل والقوة لمواصلة الرحلة.
وبعد عدة أشهر من العلاج والمتابعة، استعادت سيران عافيتها بشكل كامل. عادوا إلى حياتهم الطبيعية، لكنهم كانوا مختلفين. كان هناك شعور عميق بالامتنان والتقدير لكل لحظة يقضونها معًا.
وفي أحد الأمسيات، بينما كانا يجلسان معًا يتأملان النجوم، قال فريد:
فريد: “سيران، أنا ممتن لكل لحظة نعيشها معًا. أنت أعظم هدية في حياتي.”
سيران، بابتسامة دافئة على وجهها، أجابت: “وأنا كذلك، فريد. لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونك. أنت قوتي وأملي.”
كانت تلك اللحظة تعبيرًا عن الحب الحقيقي، الحب الذي يتجاوز كل الصعاب ويستمر في النمو والازدهار. كان فريد وسيران يعرفان أنهما سيواجهان المزيد من التحديات في المستقبل، لكنهما كانا مستعدين لمواجهتها معًا، بثقة وإيمان لا يتزعزع.
وفي النهاية، أثبتت هذه التجربة أنه مهما كانت الحياة قاسية في بعض الأحيان، فإن الحب والصبر والإيمان قادرون على التغلب على كل شيء. وكانت قصة فريد وسيران مثالًا حيًا على أن الحب الحقيقي يمكن أن ينمو ويزدهر حتى في أصعب الظروف، وأنه عندما يكون هناك شريك حياة حقيقي بجانبك، لا شيء مستحيل.